الاستفتاء اقترب بشدة وأصبح قاب قوسين أو أدنى ، وما زالت الخلافات حول ما قبل الإستفتاء ، وخاصة ترسيم الحدود على أشدها ، التصريحات النارية تتبادل بين الشريكين .
وحقيقة أن موقف الحركة الشعبية من ترسيم الحدود موقف غريب ومريب وخطر ، فكيف نعرف ويعرف العالم حدود الدولة الجديدة ، إذا ما كانت نتيجة الإستفتاء -لا قدر الله- لصالح الإنفصال والحركة تريد الحدود مفتوحة ودون تحديد حتى إذا حسمت معركة الإستفتاء لصالح الإنفصال تختار الحدود التي تريدها ، وتحسمها حتى ولو بالحرب التي تدعي قيادتها أنها لا تنوي العودة لها ، لكن كل الدلائل تؤكد استعداد الحركة ورغبتها الأكيدة في عودة الحرب من جديد بعد إعلان الدولة الجديدة.
إن الحشود العسكرية الضخمة على حدود ولاية النيل الأبيض.. تؤكد سلامة هذا التحليل بالإضافة لإيوائها للحركات الدارفورية المتمردة ، وبعد الوصول إلى هذه المرحلة ، لابد أن يستمع الشريكان إلى صوت العقل ، ويعملان معاً لتنقية الأجواء بينهما لحل كل المسائل الخلافية حتى يتم التوصل إلى حلول ترضي الطرفين وتقيهما شر القتال حتى يتم إلغاء الاستفتاء .
بلادنا تمر بمراحل خطيرة ومفتوحة على كل الاحتمالات كما أن العديد من قوى الشر العالمية متربصة بالسودان وطامعة في ثرواته الكثيرة في باطن الأرض وخارجها ، هذا الاستهداف العالمي يستوجب تنقية الأجواء السياسية ليس بين شريكي الحكم.. المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، وإنما كذلك مع كافة القوى السياسية السودانية وتحكيم صوت العقل ، والتي يجب أن تنهض للقيام بدورها الوطني تجاه الوطن وتجاه التحديات التي تواجه بلادنا وتضعنا في موقف صعب نكون أولا نكون بمعنى أن يكون هناك وطن أو لا يكون ولتعمل القوى السياسية بكافة رؤاها السياسية والفكرية للخروج من هذا السرطان الذي نتمنى إلا يمد بيديه تجاه سوداننا الحبيب فيه فلذات أكبادنا .
الفرصة متاحة أمام الشريكين للتأكد من كل الشائعات التي ملأت ردهات العالم وروج لها بعض أعضاء الحركة الشعبية ومن يندسون وراءهم حول عدم جدية الحكومة في إجراء الإستفتاء في موعده . لكن يجب أن يعلم الجميع ومن يتسمون بالحكمة والعقلانية والموقف الحيادي بأنه لا يمكن إجراء استفتاء دون ترسيم الحدود وهل يمكن أن نضع العربة أمام الحصان أو أن ننظر للنصف الفارغ من الكوب؟!!
نأمل أن يأتي الشريكين بنوايا صادقة وهم جلهم من رجال القانون والعدالة وبقلب مفتوح ليقفوا على الحقائق كاملة ويسهموا في حلحلة المشاكل العالقة بينهما ويعملون على تنقية الأجواء في بلادنا الحبيبة بلاد الأمام المهدي وود حبوبه وعبد اللطيف وعلي دينار و الميرغني وهلم جرا ....................
ونريد من القوى الجنوبية التي تؤمن بالوحدة أن تعبر عن موقفها أمام العالم كما عبر دعاة الإنفصال في جوبا الذين تجاوزوا كل الحدود بمعنى أنهم تخطوا رفضهم للوحدة.
مازالت القوى السياسية تقف متفرجة على ما يجري في السودان ( ويندموا غاية الندم ويعضوا على أناملهم لو حصل الانفصال ) وما سيلحق به إذا ما اكتملت مؤامرة الإنفصال التي سيعقبها تقسيم السودان وضياعه وضياع جيل بأكمله ، ولا أستطيع أن أفهم هذا الموقف الغريب ، وهل من المعقول أن تكون هذه القوى السياسية غير مدركة لحجم المؤامرة التي تستهدف البلاد – وضياع نضال الأجداد الذين ضحوا من أجل هذا السودان الشامخ وتستهدف قواها السياسية دون أن تفرق بين الحكومة والمعارضة .
وواضح جداً أن هناك إحساساً عميقاً بالغبينة السياسية وبالمرارات الشخصية ، لكن المسؤولية تتحملها هذه القوى لأنها فشلت طوال معارضتها للنظام الحاكم بالعمل السياسي وتكون بديلة له بل جاءت إلى الخرطوم بعد اتفاقية السلام وبدلاً عن أن تنظم صفوف أحزابها وتستعد للمشاركة الجادة في الانتخابات والمشاركة في الحكم ظلت منشغلة بالانقسامات والصراع حول المواقع الحزبية المتقدمة والمطالبة بحقوقها وممتلكاتها المصادرة ، لكن ظلت كثير من قيادات أحزابنا مشغولة بالسفر إلى خارج السودان والمشاركة في مؤتمرات بحثية لا تقدم ولا تؤخر في أزمة الحكم في بلادنا ولا تساعد في إحداث أي انفراج سياسي أو المساهمة في حل مشاكل البلاد وبعضها في سفريات متصلة للاستجمام غير المبرر والحفلات الساهرة لأعظم البيوت السودانية ، وهم يملكون القبول والقدرة في المساهمة في حل الاختناق السياسي الذي تعاني منه بلادنا .
بلادنا في خطر حقيقي ولا يكفي تحميل كل المسؤولية للحكومة الحالية لأن هذا الاختناق الذي تعيشه بلادنا جاء نتيجة لتراكم حقب سياسية عديدة شارك فيها الجميع حتى وصلنا إلى هذه المرحلة الخطرة والمريرة .
أنا لا أعتقد.. نعم لا أعتقد بأنه إذا ما حلت الكارثة - لا قدر الله- ببلادنا أن تجد القوى السياسية الجالسة على الرصيف في انتظار الغنائم وأي غنائم ينتظرونها إذا اشتعلت النيران من جديد لا أظن أن تجد وطناً تحكمه أو أن تكون هي موجودة لتحكم لأن الطوفان القادم سيجرف الجميع مثل التسونامي .
اتقوا الله أيها الساسة حاكمين ومحكومين وانظروا بعيون فاحصة لما هو قادم ، فالقادم أخطر إذا ما ظل الجميع متفرجين، لأن اليد الواحدة لا تصفق ، وسوف ينهار كل البنيان الذي تم بنائه من تعليم وتنمية وحضارة العراق والصومال وفلسطين ليس ببعيد وهلم جرا................
ونطلب من الحكومة وهي القابضة على الجمر التحرك نحو القوى السياسية المخلصة لتفتح لها الأبواب والنوافذ للمشاركة في حل الاختناق السياسي ودرء الخطر القادم واسكات الأصوات الي تحسب على المؤتمر الوطني وغرضها زعزعة الوضع الآمني بالسودان ، ومهما تكن المشكلة معقدة ، ومهما تكن الظروف ، هناك خبراء وأساتذة متخصصون في كل المعارف والعلوم الإنسانية السياسية تعج بهم جامعاتنا الوطنية التي عمت كل أنحاء السودان .
والله أسأله أن يجنب بلادنا الحبيبة خطر الانفصال و قوى البغي والظلم ،،،،،،،،،،،،
والله أكبر ولله الحمد
حاج أحمد إبراهيم محمد
جدة – المملكة العربية السعودية